الخميس، 9 فبراير 2017

أفعال المقاربة والرجاء والشروع

أفعال المقاربة والرجاء والشروع
ككان كاد وعسى لكن ندَرْ * غيرُ مضارع لهذين خبرْ.
وكونُه بدون أن بعد عسى * نزرٌ وكاد الأمر فيه عُكسا.
وكعسى حرى ولكن جُعلا * خبرُها حتما بأن مُتصلا.
وألزموا اخلولق أن مثل حرى * وبعد أوشك انتفا أن نزُرا.
(ككان كاد وعسى) يعني أنها تعمل عملها فترفع المبتدأ اسما وتنصب الخبر (لكن ندَرْ غيرُ مضارع لهذين خبرْ) نحو: (وما كادوا يفعلون)، (فعسى الله أن يأتيَ بالفتح) (وكونُه بدون أن بعد عسى نزرٌ) أي قليل نحو قول الشاعر:
عسى الكربُ الذي أمسيت فيه يكونُ وراءه فرج قريب.
وقوله:
عسى فرجٌ يأتي به الله إنه * له كل يوم في خليقته أمر.
(وكاد الأمر فيه عُكسا) يعني قل مجيئه بأن نحو ما جاء في الحديث قال عمر: " ما كدت أن أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب ". (وكعسى حرى ولكن جُعلا خبرُها حتما بأن مُتصلا) نحو: حرى زيد أن يجتهد (وألزموا اخلولق أن مثل حرى) نحو: اخلولقت السماء أن تمطر (وبعد أوشك انتفا أن نزُرا) أي قل مجيئه بدون أن، نحو قوله:
ولو سئل الناس التراب لأوشكوا * إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا.
ومن مجيئه بدون أن قوله:
يوشك من فر من منيته * في بعض غِراته يوافقها.
ومثلُ كاد في الأصح كرَبا * وتركُ أن معْ ذي الشروع وجبا.
كأنشأ السائق يحدو وطفِقْ * كذا أخذت وجعلت وعلِقْ.
(ومثلُ كاد في الأصح كرَبا) ومنه قول الشاعر:
كرب القلب من جواه يذوب * حين قالت الوشاة هند غضوب.
ومن مجيئه بأن قوله:
سقاها ذوو الأحلام سجلا على الظما * وقد كربت أعناقها أن تقطعا.
(وتركُ أن معْ ذي الشروع وجبا كأنشأ السائق يحدو كذا أخذت وجعلت وعلِقْ) هذه أفعال الشروع أو الإنشاء نحو: طفق زيد يعملُ، أخذ يضحك، جعل يبتسم، علِق يلعب.
واستعملوا مضارعا لأوشكا * وكاد لا غير وزادوا موشكا.
بعد عسى اخلولق أوشكْ قد يردْ * غنًى بأن يفعل عن ثان فُقد.
وجردنْ عسى أو ارفع مضمرا * بها إذا اسمٌ قبلَها قد ذُكرا.
والفتحَ والكسرَ أجزْ في السين من * نحو عسَيتُ وانتقا الفتح زُكن.
(واستعملوا مضارعا لأوشكا) نحو قوله:
يوشك من فر من منيته * في بعض غِراته يوافقها.
(وكاد لا غير) نحو: (يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار) (وزادوا موشكا) نحو قوله:
فموشكةٌ أرضُنا أن تعودا * خلاف الأنيس وَحوشا يبابا.
أي قفرا خاليا ليس به أحد.
(بعد عسى اخلولق أوشكْ قد يردْ غنًى بأن يفعل عن ثان فُقد) يعني أن هذه الأفعال الثلاثة تستعمل تامة فلا تحتاج إلى خبر، نحو: عسى أن يقوم، أوشك أن يموت، اخلولق أن يأتي، فأن والفعل في هذه الحالة في محل رفع فاعل، وهي رافعة لضمير على الفاعلية، ويجوز إظهاره: عسى أن يقوم زيد، (وجردنْ عسى أو ارفع مضمرا بها إذا اسمٌ قبلَها قد ذُكرا) نحو: الرجلان عسى أن يقوما، أو عسيا أن يقوما. (والفتحَ والكسرَ أجزْ في السين من نحو عسَيتُ وانتقا الفتح زُكن). 

الجمعة، 3 فبراير 2017

فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس

فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
إعمالَ ليس أُعملت ما دون إن * مع بقا النفي وترتيب زُكن،وسبقَ حرف جر اَو ظرف كما * بي أنت معنيًّا أجاز العلما.ورفعَ معطوف بلكن أو ببل * من بعد منصوب بما الزَم حيثُ حلّْ.وبعد ما وليس جر البا الخبرْ * وبعد لا ونفي كان قد يُجرّْ.(إعمالَ ليس أُعملت ما) نحو: (ما هذا بشرا) (ما هنَّ أُمهاتِهم) (دون إن مع بقا النفي وترتيب زُكن) فإن زيدت إن بعدها، أو انتقض النفي بإلا، أو تقدم الخبر على الاسم بطل عملها، نحو: " ما إن زيد مسافر "، (ما أنتم إلا بشرٌ مثلنا)، " ما مسافر زيد ". (وسبقَ حرف جر اَو ظرف: كما بي أنت معنيًّا أجاز العلما) يعني أن معمول خبر ما لا يجوز أن يتقدم على اسمها إلا إذا كان ظرفا أو جارا ومجرورا، نحو: " ما عندنا محمد مقيما ". وقد تتكرر ما للتأكيد فتعمل: نحو:لا يُنسِكَ الأسى تأسِّيا فما * ما من حِمام أحدٌ مستعصما.حمام: هي الموت.
(ورفعَ معطوف بلكن أو ببل من بعد منصوب بما الزَم حيثُ حلّْ) نحو: " ما محمد جالس لكن قائم، أو بل قائم "، وتقول: " ما محمد قاعدا ولا خارجا، أو ولا خارج "، والتقدير ولا هو خارج. (وبعد ما وليس جر البا الخبرْ) نحو: (وما الله بغافل عما تعملون) (أليس الله بكافٍ عبدَه) (وبعد لا ونفي كان قد يُجرّْ) ومنه قول الشاعر:فكُن لي شفيعا يومَ لا ذو شفاعة * بِمُغْنٍ فتيلا عن سواد بن قارب.وقول آخر:وإن مُدت الأيدي إلى الزاد لم أكن * بأعجلِهم إذ أجشع القوم أعجلُ.في النكرات أُعملت كليس لا * وقد تلي لات وإن ذا العملا.وما للات في سوى حينٍ عملْ * وحذفُ ذي الرفع فشا والعكس قل.(في النكرات أُعملت كليس لا) نحو: " لا رجل قائما "، ومنه قوله:تعَزَّ فلا شيءٌ على الأرض باقيا * ولا وزرٌ مما قضى اللهُ واقيا. ومما ورد في عملها في المعرفة قوله:وحلَّت سوادَ القلب لا أنا باغيا * سواها ولا عن حبها متراخيا. (وقد تلي لات وإن ذا العملا) نحو: (ولات حينَ مناص)، قال الشاعر:إن هو مستولياً على أحد * إلا على أضعف المجانين.
 (وما للات في سوى حينٍ عملْ) أي في أسماء الزمان، ومنه قوله:ندم البُغاةُ ولاتَ ساعةَ مندَمِ * والبغي مرتعُ مبتغيه وخيمُ.(وحذفُ ذي الرفع فشا والعكس قل) أي يحذف الاسم كثيرا، والتقدير لات الساعةُ ساعة مندم، وقد يحذف الخبر، وقرئ قوله تعالى: (ولاتَ حينُ مناص) أي لهم أو نحوه.

الخميس، 2 فبراير 2017

كان أخواتها

كان وأخواتها:
ترفع كان المبتدا اسما والخبرْ * تنصبه ككان سيِّدا عُمرْ.
ككان ظل بات أضحى أصبحا * أمسى وصار ليس زال برِحا،
فتِئ وانفكَّ، وهذي الأربعةْ * لشبه نفي أو لنفي مُتْبَعَةْ.
ومثل كان دام مسبوقا بما * كأعط ما دُمت مُصيبا درهما
(ترفع كان المبتدا اسما والخبرْ تنصبه) هذه الأفعال تسمى بنواسخ الابتداء، وفيها أيضا الحروف، وستأتي، (ككان سيِّدا عُمرْ) أي كان عمرُ سيدا، أو كان محمد مريضا، (ككان ظل) نحو: ظل زيد جائعا، أي طول نهاره (بات) نحو بات زيد قانتا، أي طول ليله (أضحى) نحو: أضحى زيد مسرورا، أي في وقت الضحى (أصبحا) نحو: أصبح الجو صحوا، أي في وقت الصبح (أمسى) نحو: أمسى محمد حزينا، أي في وقت المساء (وصار) نحو: صار زيد فقيها، أي تحول إلى هذه الحال (ليس) نحو: ليس الأمر معقولا، تفيد النفي (زال) نحو: ما زال زيد مريضا، (برِحا) ما برح زيد مجاهدا، (فتِئ) ما فتئ (وانفكَّ) ما انفك عمرو ظالما، (وهذي الأربعةْ لشبه نفي أو لنفي مُتْبَعَةْ) والمراد بشبه النفي النهي نحو قول الشاعر:
صاحِ شمر ولا تزل ذاكرَ المـــــــــوت فنسيانه ضلال مبين،
وقد جاء في القرآن: (تالله تفتأُ تذكر يوسف) أي لا تفتأ، ولا يحذف النفي معها قياسا إلا مع القسم، وشذ الحذف في قول الشاعر:
وأبرَحُ ما أدام الله قومي * بحمد الله منتطِقا مُجيدا.
(ومثل كان دام مسبوقا بما) أي ما المصدرية الظرفية (كأعط ما دُمت مُصيبا درهما) أي مدة دوامك مصيبا، ومنه قوله تعالى: (ما دُمت حيا
وغيرُ ماض مثلَه قد عملا * إن كان غيرُ الماضِ منه استُعملا.
وفي جميعها توسطَ الخبرْ * أجِزْ، وكلٌّ سبقَه دام حظَرْ.
كذاك سبقُ خبرٍ ما النافيةْ * فجِئْ بها متلُوَّةً لا تاليَةْ.
ومنعُ سبق خبرٍ ليس اصطُفي * وذو تمام ما برفع يكتفي،
وما سواه ناقص والنقصُ في * فتئ ليس زال دائما قُفي.
(وغيرُ ماض مثلَه قد عملا إن كان غيرُ الماضِ منه استُعملا) الأفعال التي تتصرف، وهي ما عدا: ليس ودام، وزال وبرح وفتئ وانفك، نحو: (وتكونوا شهداء على الناس) (كونوا قوامين بالقسط)، وقال الشاعر:
وما كل من يُبدي البشاشةَ كائنا * أخاك إذا لم تُلفِه لك مُنجدا.
وقال الشاعر:
ببذلٍ وحِلمٍ ساد في حلمه الفتى * وكونك إياه عليك يسيرُ.
 (وفي جميعها توسطَ الخبرْ أجِزْ) نحو قوله تعالى: (وكان حقا علينا نصر المؤمنين). وقال الشاعر:
سلي إن جهِلت الناس عنا وعنهمُ * فليس سواءً عالمٌ وجهول.
وقال آخر:
لا طِيب للعيش ما دامت منغَّصةً * لذاتُه بادِّكار الموت والهرم.
(وكلٌّ سبقَه دام حظَرْ) ظاهره عدم جواز: لا أكلمك ما عابسا دام وجهك، والصواب جوازه، والذي لا يجوز: لا أكلمك عابسا ما دام وجهك،  (كذاك سبقُ خبرٍ ما النافيةْ، فجِئْ بها متلُوَّةً لا تاليَةْ) نحو: ما قائما كان زيد، ولا يجوز: قائما ما كان زيد، ويجوز نحو: قائما لم يزل زيد، حيث يكون النفي بغير ما. (ومنعُ سبق خبرٍ ليس اصطُفي) فلا تقول: صالحا ليس زيد، ويجوز تقدم معمول الخبر على ليس، ومنه قوله تعالى: (ألا يومَ يأتيهم ليس مصروفا عنهم) (وذو تمام ما برفع يكتفي) يعني أن هذه الأفعال تنقسم إلى قسمين: ما يكون ناقصا وتاما حيث يكتفي بمرفوعه، نحو: (وإن كان ذو عسرة) أي إن وُجد، وقوله: (خالدين فيها ما دامت السموات والأرض)، وقوله: (فسبحان الله حين تُمسون وحين تُصبحون) (وما سواه ناقص، والنقصُ في فتئ ليس زال دائما قُفي) أي تُبع، معناه أن الأفعال التي تكون ناقصة فحسب هي: ليس، ما فتئ لا زال.
ولا يلي العاملَ معمولُ الخبرْ * إلا إذا ظرفاً أتى أو حرف جرّْ.
ومُضمرَ الشأن اسما انوِ إن وقعْ * موهِمُ ما استبان أنه امتنع.
(ولا يلي العاملَ معمولُ الخبرْ إلا إذا ظرفاً أتى أو حرف جرّْ) نحو: كان عندك محمد جالسا، كان في الدار زيد قائما، ولا يجوز نحو: كان حقَّك عمرٌو مُضيعا، ويجوز كان عمرو حقك مضيعا. وكذا يجوز: كان مضيعا حقَّك عمرٌو، (ومُضمرَ الشأن اسما انوِ إن وقعْ موهِمُ ما استبان أنه امتنع) وذلك نحو: قول الشاعر:
قنافذُ هداجون حول بيوتهم * بما كان إياهم عطيةُ عوَّدا.
الهدج: المشي في ارتعاش، والتقدير: كان الشأن إياهم عطية عودا.
ونحوه قول الشاعر:
فأصبحوا والنَّوى عالي مُعرَّسِهم * وليسَ كلَّ النَّوَى تُلقي المساكين.
والتقدير: وليس الشأنُ كل النوى تُلقي المساكين.
وقد تُزاد كان في حشو كما * كان أصحَّ علمَ من تقدما،
ويَحذفونها ويُبقون الخبرْ * وبعدَ إنْ ولوْ كثيرا ذا اشتهرْ.
وبعدَ أنْ تعويضُ ما عنها ارتُكب * كمثل أمَّا أنت بَرا فاقترب.
ومن مُضارع لكان منجزم * تُحذَفُ نونٌ وهْو حذفٌ ما التُزم.
(وقد تُزاد كان في حشو) وذلك نحو: جاء الذي كان عرفته، وتنقاس زيادتها بين ما التعجبية وفعلها (كما كان أصحَّ علمَ من تقدما) أي ما أصحَّ، وكان زائدة، وسمعت زيادتها بين الصفة والموصوف كقوله:
فكيف إذا مررت بدار قوم * وجيران لنا كانوا كرام.
وشذت زيادتها بين الجار والمجرور، نحو قوله:
سراة بني أبي بكر تسامى * على كان المُسوَّمة العراب.
يعن أن خيول بني أبي بكر تسمو قيمتها على من عداها من الخيول العربية، والمسومة: المعلمة.
(ويَحذفونها ويُبقون الخبرْ، وبعدَ إنْ ولوْ كثيرا ذا اشتهرْ) نحو: ائتني بدابة ولو حمارا، أي ولو كان المأتيُّ حمارا، وقول الشاعر:
قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كَذِبا * فما اعتذارك من قول إذا قيل.
وشذ حذفها بعد لدن، نحو قوله:
من لدُ شولا فإلى إتلائها * والتقدير ربيتها من لدن أن كانت شولا، إلى حين يتبعها ولدها.
(وبعدَ أنْ تعويضُ ما عنها ارتُكب كمثل أمَّا أنت بَرا فاقترب) والأصل: أن كنت برا فاقترب، فلما جيء بأما انفصل الضمير، ومنه قوله:
أبا خراشةَ أما أنت ذا نفر * فإن قومي لم تأكلهم الضبُعُ.
والتقدير: فخرت أن كنت ذا نفر. أي فخرت لأن كنت كذلك.

(ومن مُضارع لكان منجزم تُحذَفُ نونٌ وهْو حذفٌ ما التُزم) نحو: قوله تعالى (وإن تكُ حسنة يضاعفها).