شرح ألفية ابن مالك في النحو: الإعراب
والبناء:
والاِسم
منه معربٌ ومبـني لشَبَه
من الحروف مُدنِي:
(والاِسم منه معربٌ) هو الذي يتغير آخره
باختلاف العوامل الداخلة عليه نحو: صدَق محمدٌ، صدَّقتُ محمداً، آمنتُ بمحمدٍ، (ومبني) أي ومنه مبنيٌّ، وهو
الذي لا يتغير آخره مهما تغيرت العوامل، كذبَ هؤلاءِ، عجِبتُ من هؤلاءِ، رأيت هؤلاءِ (لشَبَه من الحروف مُدنِي) أي هذا البناء سببه
شبَهٌ يدنِي الاسمَ من الحروف، أي شبه الاسم للحروف: في اللفظ، أو في المعنى، أو
في عدم التأثر بالعوامل، أو في الافتقار اللازم إلى غيره.
شرح ألفية ابن مالك في النحو: الأسماء المبنية:
وكنيابـةٍ عن الفعـل بــلا تأثر، وكافتقـار أُصِّـلا.
كالشبَه الوضعيِّ في اسمَيْ جئتنا والمعنويِّ في متى وفي هنا،
(كالشبَه الوضعيِّ في اسمَيْ جئتنا) أي وذلك كشبه الاسم
للحرف في كونه موضوعا على حرف أو حرفين، نحو: "جئتَنَا" "تَـ" ضمير مبني
على الفتح في محل رفع فاعل، و"نا" ضمير مبني على السكون في محل نصب على
نزع الخافض، والتقدير: جئت إلينا (والمعنويِّ) أي والشبه المعنوي الكائن (في متى) نحو: متى تنتهي عن غرورك؟ متى اسم استفهام ظرف
زمان، مبني على السكون في محل نصب مفعول فيه متعلق بتنتهي، وهي جملة فعلية، أشبه
في المعنى الحرف، نحو: هل تنتهي؟ "متى يأمرْني الله أمتثلْ" متى اسم شرط مبني على السكون في محل نصب
مفعول فيه ظرف زمان متعلق بأمتثلْ، أشبه في المعنى: إنْ يأمرني الله أمتثلْ (وفي هنا) نحو: أَقِم هنا، اسم إشارة ظرف مكان منبيٌّ على
السكون في محل نصب مفعول فيه، أشبه في المعنى حرفا غير موجود، لأنّهم لم يضعوا
للإشارة حرفا.
(وكنيابةٍ عن الفعل بلا تأثر) أي وكشبه الاسم
للحرف في نيابته عن الفعل وعدم تأثره بالعامل، كما أن الحرف أيضا لا يتأثر
بالعوامل، نحو: "هيهاتَ مُتمنَّاك" أي بعُدَ، فهيهات اسم فعل ماض مبني على
الفتح، ومتمناك فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على
الألف، منع من ظهورها تعذرُ النطق بِها (وكافتقار أُصِّلا) أي وكشبه الاسم للحرف في الافتقار المؤَصل أي
اللازم إلى غيره، نحو: "الذي خلقَ العالم هو الله" فالذي اسم يفتقر إلى الصلة، فلا معنى له
بدون الصلة، فهو يشبه الحرف حيث لا يدل على معنى في نفسه ويفتقر إلى غيره. والحاصل
أن البناء يكون مطَّردا في: باب الضمائر، وأسماء الاستفهام، وأسماء الشرط، وأسماء
الإشارة، وأسماء الأفعال، والأسماء الموصولة.
شرح ألفية ابن مالك في النحو: الأسماء المعربة:
ومعربُ الأسماء ما قد سلِما من شبه الحرف كأرضٍ وسُمَا.
(ومعربُ الأسماء) أي ما يتغير آخره
باختلاف العوامل (ما قد سلِما من شبه الحرف) أي في الوضع والمعنى وعدم التأثر بالعوامل والافتقار
اللازم (كأرضٍٍ) أي وذاك كائن كأرض،
نحو: هذه أرضٌ، سكنتُ أرضاً، دُفِنَ بأرضٍ، (وسُمَا) ونحو: سما، وهي لغة في الاسم،
ونحوه فتًى، فتقول: جاء الفتى، ناديتُ الفتَى، التقيت بفتًى، فهذا ونحوه معرب بالحركات
المقدرة على الألف، والمانع من ظهورها تعذر النطق بِها. ونحو: حضر الجاني، مررت بالجاني، رأيت الجانيَ، ينصب بالفتحة الظاهرة، ويرفع
ويجر بالضمة والكسرة المقدرتين على الياء، والمانع من ظهورهما استثقال النطق
بِهما.
شرح ألفية ابن مالك في النحو: المبني من الأفعال:
وفعـلُ أمــرٍ ومُضِيٍّ بُنيا، وأعربوا مضارعا إن عَريا
من نون توكيدٍ مباشر ومن نون إناث: كيَرُعْنَ من فُتِنْ.
(وفعلُ أمرٍ ومُضِيٍّ بُنيا) أي أن فعل الأمر
مبني دائما، نحو: اُسجُدْ، مبني على السكون،
وهذا مذهب البصريين، وقال الكوفيون: إنه يعرب إعراب المضارع المجزوم، لأن أصله:
لِتَسجُدْ، فحذفت لام الأمر وتاء المضارعة، وجيء بألف الوصل؛ وأما الماضي فهو مبني
بلا خلاف، نحو: ركعَ، مبني على الفتح، صلَّى، مبني على فتح مقدر على آخره
لتعذر النطق به (وأعربوا مضارعا إن عَريا
من نون توكيدٍ مباشر
نون إناث: كيَرُعْنَ من فُتِنْ) أي أن المضارع يعرب
في كل الأحوال إلا إذا اتصلت به نون التوكيد المباشرة نحو: هل تركعَنْ، هل يسجدَنَّ، مبني على الفتح في
محل رفع، أو نون الإناث فيُبنى على السكون، نحو: يسجُدْنَ.
وإذا اتصلت نون التوكيد
بالمضارع المُسنَد إلى واو الجماعة أو ياء المخاطبة، أو ألف الاثنين، لم يُبْنَ،
لأن نون التوكيد في هذه الحالة غير مباشرة. نحو: "هل تضربُنَّ" أصلها "هل تضربونَنَّ"، "هل تضربِنَّ" أصلها هل تضربينَنَّ، فحذفت النون الأولى
لتوالي الأمثال، ثم صارت تضربونَّ، هل تضربِينَّ، ثم حذفت الواو والياء لالتقاء
الساكنين، فيقال في إعرابه: مرفوع بثبوت النون، لكنها حذفت لتوالي الأمثال،
والفاعل واو الجماعة أو ياء المخاطبة المحذوفة لالتقاء الساكنين. ونحو: "هل تضربانِّ" للمثنى، أصلها هل تضربانِنَّ، فحذفت النون الأولى فصار: تضربانَّ، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين،
فصار هل تضربَنَّ، ولاشتباهه بالمفرد
كسروا النون وأبقوا على الألف لثقل الكسرة، فصار: هل تضربانِّ، قال تعالى: (وَلاَ تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ).
شرح ألفية ابن مالك في النحو: ألقاب البناء والإعراب:
وكـلُّ حـرف مُستحِقٌّ للبنا والأصـل في المَبنِيِّ أن يُسَكَّنَا؛
ومنه ذو فتح وذوكسر وضمّْ كأينَ أمسِ حيثُ والساكنُ كمْ.
والرفعَ والنصبَ اجعلَنْ إعرابا لاسـم وفعـل نحـو: لن أهابا،
والاِسمُ قد خُصِّص بالجر كما قد خصص الفعل بأن ينجزما.
(وكلُّ حرف مُستحِقٌّ للبنا) أي أن الحروف كلها
مبنية (والأصل في المَبنِيِّ أن يُسَكَّنَا) لأن السكون أخف من الحركة (ومنه ذو فتح) أي المفتوح (وذوكسر) المكسور (وضمّْ) المضموم، وذلك: (كأينَ أمسِ حيثُ والساكنُ كمْ). (والرفعَ والنصبَ اجعلَنْ إعرابا لاسم وفعل) أي أن الفعل والاسم يشتركان في الرفع والنصب (نحو لن أهابا)، أسجدُ، لنْ أكفُرَ، إنّ محمداً رسولٌ، (والاِسمُ قد خُصِّص بالجر) نحو: جلس في المسجدِ، (كما قد خصص الفعل بأن ينجزما) نحو: لم يكذبْ محمدٌ قط.
فارفع بضمٍّ وانصِبَنْ فتحا وجُرّْ كسرا كذكرُ اللهِ عبدَه يَسُرّْ،
واجزم بتسكينٍ وغَيرُ ما ذُكر ينوب نحو جا أخو بني نَمِرْ.
(فارفع بضمٍّ) نحو: محمدٌ صادقٌ، فيقال مرفوع بالضمة، (وانصِبَنْ فتحا) أي بفتح، نحو إن اللهَ كان عليماً حكيماً، فيقال: منصوب
بالفتحة، (وجُرّْ كسرا) أي جُرَّ بكسر، نحو:
اهتداؤك في اتباعِ دينِ محمدٍ، فيقال: مجرور أو
مخفوض بالكسرة (كذكرُ اللهِِ عبدَه يَسُرّْ) أي كقولك ذكر الله عبدَه يسر، وكان الأولى لو
قال: ذكرُ العبدِ ربَّه يسر (واجزم بتسكينٍ) نحو: لم يخُنْ في سر قط، فيقال: مجزوم بالسكون (وغَيرُ ما ذُكر) أي من الإعراب
بالحركات، أي الظاهرة، ولا حاجة إلى وصفها بالظاهرة في الإعراب، (ينوب) أي عن الحركات، وذلك (نحو) أي قولك: (جا) أي جاء (أخو بني نَمِرْ) فنابت الواو عن
الضمة، والياء عن الكسرة، وسيأتي تفصيله.
شرح ألفية ابن مالك في النحو: الإعراب بالحروف نيابةً عن
الحركات:
فارفع بواوٍ وانصبنَّ بالألـفْ واجرر بياءٍ ما من الأسما أَصِفْ:
مـن ذاك ذو إنْ صُحبَةً أبانا والفَمُ
حيث الميـمُ منـه بانا،
(فارفع بواوٍ وانصبنَّ بالألفْ واجرر بياءٍ ما من الأسما) أي الأسماء (أَصِفْ) أصفُه، (من ذاك ذو إنْ صُحبَةً أبانا) أي إن كان بمعنى
صاحب: نحو: إن الله هو الرزاق ذو القوة، أي صاحب القوة، فإن لم يكن بمعنى صاحب فهو مبني،
نحو: التقيتُ بذو أكرمني، فهو هنا بمعنى
"الذي" مبني على السكون في محل جر، وهو اسم موصول على لغة طيِّئٍ، ومنه
قول الشاعر: "فحسبيَ من ذو عندهم ما كفانيَا" أي
من الذي عندهم (والفَمُ حيث الميمُ منه بانا) أي أزيل منه الميم، نحو: جعل اللقمة في فِيه، أي فمه، فتح فَاه، فُوك مفتوح، مجرور بالياء،
ومنصوب بالألف، ومرفوع بالواو.
أبٌ أخٌ حَمٌ كذاك وهـنُ والنقصُ في هذا الأخير أحسنُ،
وفي أبٍ وتالييْـه ينـدُرُ وقصرُها من نقصهنَّ أشهـرُ؛
(أبٌ أخٌ حَمٌ كذاك) نحو: جاء أبوك، رأيت أخاك، التقيت بحَمِيها، أي قريب زوجها، (وهنُ) الهن بمعنى شيء، ويستعمل كثيرا
في الشر، نحو: هذا هنُك، أو هنوك، أي ما صدر منك من الشر، والهَنات
خصلات الشر، (والنقصُ في هذا الأخير أحسنُ) فهو في الغالب يعرب بالحركات الظاهرة، فلذلك
تجدهم يقولون الأسماء الخمسة بإسقاط الهن، ويقولون الأسماء الستة باحتساب الهن. (وفي أبٍ وتالييْه) أي الأخ والحم (يندُرُ) أي يقل النقص، نحو قوله: "بأبِهِ اقتدى عديٌّ في الكرم" (وقصرُها من نقصهنَّ أشهرُ) والمراد بالقصر
الإعراب بالحركات المقدرة على الألف، نحو قوله: إن أباها وأبا أبَاها ـ قد بلغ في المجد غايتاها*.
وشرطُ ذا الإعرابِ أن يُضَفنَ لا لليا كجا أخو أبيك ذا اعتـلا.
(وشرطُ ذا الإعرابِ أن يُضَفنَ لا لليا) أي شرط إعراب
الأسماء الخمسة أو الستة بالحروف نيابة عن الحركات أن تكون مضافة لغير ياء
المتكلم، نحو: هذا أبي، وأصله: أبُويْ،
فحذفت الواو لالتقاء الساكنين فصارت أبُيْ، ثم كسرت الباء لمناسبة الياء، ونحو: رأيت أخِي، أصلها أخايْ، ثم صارت أخَيْ، ثم
كسرت الخاء لمناسبة الياء، ونحو: التقيتُ بحمِي، أصله: حَمِييْ،
فحذفت الياء الأولى لالتقاء الساكنين، فهو في هذه الحالة يعرب بالحركات المقدرة
على الحرف الأخير، منع من ظهور اشتغال المحل بالحركة المناسبة لياء المتكلم، وياء
المتكلم ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه (كجا أخو أبيك ذا اعتلا) أي اعتلاء، وهو مثال
لما تقدم.
شرح ألفية ابن مالك في النحو: الإعراب بالحروف نيابةً عن
الحركات:
بالألف ارفـع المثنَّى وكِـلا إذا بمُضمَرٍ مُضافا وُصلا،
كلتـا كـذاك اثْنان واثْنتان كابْنَيْن وابنتيْن يَجريـان؛
وتخلُف اليا في جميعهـا الألفْ جرًّا ونصبا بعدَ فتحٍ قد أُلِفْ.
(بالألف ارفع المثنَّى) المثنى هو اللفظ
الدال على اثنين، بزيادة في آخره، نحو: "لا تتخذوا إلهَيْن اثنَيْن"، وحكم المثنى الرفع بالألف نيابة عن الضمة،
والنصبُ والجرُّ بالياء نيابة عن الفتحة والكسرة، نحو: انطلق رجلان، مررت برجلين جالسين، (وكِلا إذا بمُضمَرٍ مُضافا وُصلا) أي وكلا إذا أضيف
إلى ضمير: جاء كلاهما، مررت بكليهما، رأيت كليهما، فإذا أضيف إلى اسم
ظاهر، أعرب بالحركات المقدرة على الألف، نحو: مررت بكلا الرجلين (كلتا كذاك) أي نحو كلا في حكمه (اثْنان واثْنتان كابْنَيْن وابنتيْن يَجريان) (وتخلُف اليا في جميعها الألفْ جرًّا ونصبا
بعدَ فتحٍ قد أُلِفْ) نحو: رأيت أسدَيْنِ، مررت برجلَيْن ساجدَيْن.
شرح ألفية ابن مالك في النحو: الإعراب بالحروف نيابةً عن
الحركات:
وارفعْ بواوٍ وبيَا اجرُرْ وانصِبِ سالمَ جمعِ عامرٍ ومُذنِب،
يريد جمع المذكر
السالم من تكسير مفرده، نحو العامرُونَ غيرُ مذنبِينَ، وهو جمع لكل اسم علم أو صفة، لمذكر، عاقل، خال
من تاء التأنيث، وينبغي أن يكون الاسم غير مركب، والصفة لا تكون من باب فعلان
فعلى، ولا أفعل فعلاء، نحو: جاء المحمدُونَ، التقيت بالناصحِين، رأيت الْمُسلمِين، فهو مرفوع بالواو نيابة عن الضمة، ومنصوب
ومَجْرور بالياء نيابة عن الفتحة والكسرة، وأما ما لم يكن علما أو صفة، نحو: رجل، كتاب، والمؤنث نحو: زينب، قائمة، وما التحقت به تاء التأنيث نحو: حمزة وعلاَّمة، وغير العاقل نحو: لاحق: اسم فرس، أو سابق صفة لفرس، والمركب نحو: سيبويه،
ونحو: عطشان عطشى، وأحمر حمراء، فهذه ليست من باب جمع المذكر
السالم.
وشبْهِ ذيـنِ وبـهِ عشـرونَا وبابُـه أُلحِـقَ والأَهلُونَا،
أولُـوا وعالَمـونَ عِلِّيُّـونَا وأرَضـونَ شذَّ والسِّنُـونَا
وبابُه ومثـلَ حينٍ قدْ يَـرِدْ ذا البابُ وهو عند قومٍ يطَّرِدْ.
(وشبْهِ ذينِ) يعني ما يشبه "عامر" و
"مذنب" كما تقدم، (وبهِ عشرونَا وبابُه أُلحِقَ) أي ويلتحق بجمع المذكر السالم مما ليس من بابه
باب العشرين إلى التسعين، نحو: صليت عشرين ركعةً، "له تسع وتسعونَ نعجة" (والأَهلُونَا) ومنه قوله تعالى: "مِنْ أوسط ما تُطعمون أَهْلِيكم" ( أولُوا) بمعنى ذوو وهي مثلها في الباب،
نحو "إنما يتذكر أولوا الألباب" (وعالَمونَ) جمع عالم، ومنه
"رب العالمين" (عِلِّيُّونَا) اسم مفرد لأعلى الجنة، "إن الأبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون" (وأرَضونَ شذَّ) أي عن القاعدة، جمع
أرض، اسم جنس مؤنث، ومنه: "سبع أرضين" (والسِّنُونَا) جمع سنة، ومنه "فلبث في السجن بضع سنين"
(وبابُه) أي باب السنين، وهو كل اسم مؤنث
حذفت لامُهُ وأبدلت بتاء التأنيث، كمئةٍ ومئينَ، ومنه قول زهير: "تُعَفَّى الكلومُ بالمئينَ" وعِضَةٍ وعضين،
ومنه قوله تعالى "الذين جعلوا القرآن عِضِين" أي أجزاء آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه، فإذا
جُمع جمعَ تكسير لم يجمع جمع سلامة: نحو: شَفَة وشِفاه، إلا شذوذا، نحو: ظُبة جمع ظباة وظُبين، والظبة حد السيف، (ومثلَ حينٍ قدْ يَرِدْ ذا البابُ) يعني أن باب السنين
قد يعامل في إعرابه معاملة الحين، فيعرب بالحركات الظاهرة، نحو قول الشاعر:
دعانِيَ من نَجْدٍ فإن سنينَهُ ـ لَعِبْن بنا شِيبًا
وشيَّبْننَا مُرْدا، جمع أمرد وهو من لم ينبت له شعر اللحية، وكان ينبغي أن يقول
على اللغة الأولى: فإن سنِيهِ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اجعلها عليهم سنينَ كسنِي يوسف" (وهو عند قومٍ يطَّرِدْ) أي أن بعض العرب
يعربه هكذا بالحركات الظاهرة.
ونونَ مجموعٍ وما بِهِ التحَقْ فافتَحْ وقلَّ من بكسرِه نَطَقْ،
ونـونُ ما ثُنِّيَ والمُلحَـقِ بِهْ بعكس ذاك استعملوه فانتبه.
(ونونَ مجموعٍ وما بِهِ التحَق فافتَحْ) يعني النون التي في
آخره، وهي بمنْزلة التنوين في الاسم المفرد، لذلك تحذف عند الإضافة، نحو "وما نحن بتاركي آلهتنا" (وقلَّ من بكسرِه نَطَقْ) ومنه قول الشاعر:
وماذا تبتغي الشعراءُ مني ـ وقد جاوزتُ حدَّ الأربعينِ، (ونونُ ما ثُنِّيَ والمُلحَقِ بِهْ بعكس
ذاك استعملوه فانتبه) يعني تكسر نون المثنى، وهذه
النون أيضا بمنْزلة التنوين في الاسم المفرد تحذف عند الإضافة، نحو: جاء وَلدَاكَ، ومنهم من يفتحها، ومنه قول
الشاعر: على أحْوَذِيَّيْنَ استقلتْ عشيَّةً ـ
فما هي إلا لمحة وتَغيبُ، يصف حمامة، يقول: طارت بجناحيين سريعين، تلمحها بنظرك
وتغيب سريعا.
شرح ألفية ابن مالك في النحو: الإعراب بالكسرة
نيابة عن الفتحة:
وما بتـا وألـف قـد جُمـعا يُكسَر في الجرّ وفي النصب معا،
كذا أولاتُ والذي اسمًا قد جُعِلْ كـأَذرِعات فيه ذا أيضا قُبِلْ.
(وما بتا وألف) أي بزيادة ألف وتاء في آخره (قد جُمعا) والمراد جمع المؤنث
السالم من تكسير مفرده (يُكسَر في الجرّ وفي النصب معا) يعني أنه يجر بالكسرة، وينصب بالكسرة نيابة عن
الفتحة، نحو: "وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ
أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ" ويرفع بالضمة نحو: "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ" (كذا أولاتُ) نحو: "وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا
عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ" (والذي اسمًا قد جُعِلْ كأَذرِعاتٍ) اسم بلد، قال الشاعر: "تنورتها من أذرعاتٍ"، (فيه ذا أيضا قُبِلْ) أي هذا الحكم وهذا
الإعراب، وكذا عرفات، نحو: "فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ
الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ".
شرح ألفية ابن مالك في النحو: الإعراب بالفتحة
نيابة عن الكسرة:
وجُرَّ بالفتحة ما لا ينصـرِفْ ما لم يُضَف أو يكُ بعد أل رَدِفْ.
(وجُرَّ بالفتحة ما لا ينصرِفْ) المراد بغير المنصرف
الذي لا يدخله التنوين، ويسمى المعرب غير المنصرف، أو المتمكِّن غير الأمكن، وذلك
نحو: جاء أحمدُ، رأيتُ يزيدَ، صليتُ بمساجدَ، فهو مرفوع بالضمة،
ومنصوب بالفتحة، ومجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة (ما لم يُضَف أو يكُ بعد أل رَدِفْ) يعني أنه يجر بالفتحة نيابة عن الكسرة إذا لم
يضف، نحو: مررت بأحمدِكم، أو تدخل عليه الألف
واللام نحو: صليت بالمساجدِ، وكذا أيضا إذا لم
يُنَوَّنْ، نحو: التقيت بأحمَدَ وأحمدٍ آخر، والتنوين فيه للتنكير، ففي هذه الحالة يجر
بالكسرة.
شرح ألفية ابن مالك في النحو: الإعراب بثبوت
النون أو حذفها:
واجعل لنَحو يفعلان النونـا رفعا وتدعينَ وتسألـونا،
وحذفها للجزم والنصب سِمَةْ: كلم تكوني لترومي مظلَمةْ.
(واجعل لنَحو يفعلان) والمراد به الفعل
المضارع الْمُسنَد إلى ألف الاثنين، مخاطبين أو غائبين (النونا رفعا) يعني ارفعه بثبوت النون، وذلك
نحو: تأكلانِ، تشربانِ، يلعبانِ، تعجبانِ، (وتدعينَ) والمراد به المضارع المسند إلى
ياء المخاطَبة، نحو: "أتعجبينَ من أمر الله" (وتسألونا) والمراد به المضارع
المسند إلى واو الجماعة مخاطَبين أو غائبين، نحو: "أفلا تشكرون"، "أفلا يؤمنون"، (وحذفها) أي النون ( للجزم والنصب سِمَةْ) أي علامة إعراب
للمجزوم والمنصوب (كلم تكوني لترومي مظلَمةْ) نحو: "أفلم يسيروا في الأرض"، "إذ همت
طائفتان منكم أن تفشَلا"، فيقال في
الإعراب: مرفوع بثبوت النون، أو منصوب أو مجزوم بحذف النون.
شرح ألفية ابن مالك في النحو: الإعراب بالحركات
المقدرة:
وسَمِّ مُعْتلاًّ من الأسمـاء ما كالمصطفى والمُرتقي مكارما؛
فالأول الإعراب فيه قُـدِّرا جميعُه وهْو الذي قد قُصِرا،
والثانِ منقوصٌ ونصبُه ظهَرْ ورفعُه يُنوَى كذا أيضا يُجَرّْ.
(وسَمِّ مُعْتلاًّ من الأسماء ما) أي الذي (كالمصطفى) أي الاسم المقصور، وهو الاسم
المعرب الذي في آخرف ألف لازمة، نحو: الفتى والعصا، (والمُرتقي مكارما) أي المنقوص، وهو
الاسم المعرب الذي في آخره ياء لازمه قبلها كسرة، نحو القاضي، والجاني؛ قال المؤلف: (فالأول الإعراب فيه قُدِّرا جميعُه وهْو الذي قد قُصِرا) أي المقصور، فيقال: مرفوع أو منصوب أو مجرور
بالحركات المقدرة، منع من ظهورها التعذر، أي تعذر النطق بِها (والثانِ منقوصٌ ونصبُه ظهَرْ) أي ينصب بالفتحة،
لخفة الفتحة، نحو: رأيت القاضيَ، (ورفعُه يُنوَى كذا أيضا يُجَرّْ) أي يرفع ويجر بالضمة
أو الكسرة المقدرتين والمانع من ظهورها الاستثقال، أي ثقلهما عند النطق.
شرح ألفية ابن مالك في النحو: الإعراب بالحركات المقدرة:
وأيُّ فعـلٌ آخِـرٌ منه ألِـفْ أو واوٌ اوْ ياء فمعتلاًّ عُرِف،
فالألِفَ انْوِ فيه غيـرَ الجـزمِ وأَبْدِ نصبَ ما كيدعو يرمي،
والرفعَ فيهما انْوِ واحذِفْ جازما ثلاثَهُـنَّ تَقْضِ حكما لازما.
(وأيُّ فعل آخِرٌ منه ألِفْ) نحو يخشى (أو واوٌ اوْ ياء) نحو: يدعو، يرمي، (فمعتلاًّ عُرِف) أي فهو معتل، والعلة
هنا عدم ظهور حركات الإعراب، (فالألِفَ انْوِ فيه غيرَ الجزمِ) نحو: يخشى، مرفوع بالضمة
المقدرة، لن يخشى: منصوب بالفتحة المقدرة، لم يخشَ، مجزوم بحذف حرف
العلة، (وأَبْدِ نصبَ ما كيدعو يرمي) نحو: لن يدعوَك، لن يرميَكَ، منصوبان بالفتحة، (والرفعَ فيهما انْوِ) نحو: يدعو، يرمي، مرفوعان بالضمة
المقدرة، (واحذِفْ جازما ثلاثَهُنَّ) نحو: لم يخشَ، لم يرمِ، لم يدعُ، مجزومة بحذف حرف العلة (تَقْضِ حكما لازما) لأنه هو المسموع عن
العرب، فهو لازم.
مـن ذاك ذو إنْ صُحبَةً أبانا والفَمُ حيث الميـمُ منـه بانا،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق