الأحد، 28 أغسطس 2016

الكلام وما يتألف منه

شرح ألفية ابن مالك في النحو: المقدمة:
قال محمـدٌ هُو ابنُ مـالكِ:    أحمَدُ ربِّي اللَّهَ خيرَ مالكِ،
مصلِّيًا عـلى النبيِّ المصطفى     وآلهِ المستكمِلين الشَّرفَا؛
وأستعيـنُ اللّـهَ في ألـفيَّةْ     مقـاصدُ النحو بها محوِيَّةْ؛
تُقرِّبُ الأقصى بلفظ موجَـزِ    وتبسُط البذلَ بوعدٍ منجَزِ؛
وتقتضي رضاً بغيرِ سُخـط     فائـقةً ألفيةَ ابنِ مُعـطي؛
وهْوَ بسَبْقٍ حائـزٌ تفضيلاَ،     مستـوجِبٌ ثنائِيَ الجميلاَ؛
واللّهُ يقضي بِهِباتٍ وافـرةْ     لي وله في درجات الآخرةْ.
يقول: أحمد الله مصليا على نبيه وآله، مستعينا به، في تأليف منظومة تشتمل على ألف بيت أو يزيد، تشتمل على مقاصد النحو، تقرب البعيد بلفظ وجيز، وتبسط العطاء بوعد من مؤلفها سينجزه إن شاء الله، وتستدعي من قارئها الرفق معها، وهي تفوق بكثير ألفية ابن معطي، لكنه يفضلني بالسبق، ويستوجب مني المدح والثناء، ثم دعا له ولنفسه، بوافر الهبات في الدنيا والآخرة.شرح ألفية ابن مالك في النحو: ما يتركب منه الكلام:
كلامُنا لفظٌ مفيد: كاستقـمْ   واسْمٌ وفعلٌ ثُم حرفٌ الكَلم،
واحـدهُ كلمةٌ، والقولُ عمّْ    وكِلْمةٌ بِها كـلامٌ قد يُـؤَمّْ.
(كلامُنا لفظٌ) مركب من كلمتين فأكثر (مفيد) فائدة يحسُن السكوت عندها (كاستقمْ) أي كقولك: استقم،  فعل أمر وفاعل ضمير مستتر فيه، ونحو: صدق محمد (واسْمٌ وفعلٌ ثُم حرفٌ الكَلم) ذكر أقسام الكلمة: وهي ثلاثة: اسم: نحو محمد، ورجل، وشجرة، وهو ما دل على معنى في نفسه غيرَ مقترِن بزمان، وفعل: نحو: قام، يجتهدُ، سيسافر، اسمعْ، وهو ما دل على معنى في نفسه مقترنا بزمان؛ وحرف: نحو: وهو ما دل على معنى في غيره لا في نفسه: نحو: في الدار، لم يُسافِرْ، هل تأكلُ؟. (واحدهُ كلمةٌ) أي مُفرَد الكلم (والقولُ عمّْ) يعُمُّ الجميع، فيصدق على الكلمة والكلام، وكل مركب غير مفيد نحو: "إن لم ينجز واجبه" أنه قول. (وكِلْمةٌ بِها كلامٌ قد يُؤَمّْ) أي قد يقصد بِها معنى الكلام، نحو قوله صلى الله عليه وسلم: "أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: ألا كلُّ شيءٍ ما خلا اللّهَ باطلُ".
شرح ألفية ابن مالك في النحو: مميزات الاسم:
بالجر والتنوين والندا وأل     ومسند للاسم تمييز حصل.
(بالجر) متعلق بـ"حصل" في آخر البيت، نحو: جلست في ساحةِ بيتِ الجارِ، (والتنوين) نحو: جاء رجلٌ، وهو تنوين تمكين، لاحق للأسماء المنصرفة، جاء أحمدُ وأحمدٌ آخرُ، صمت رمضانَ ورمضاناً آخرَ، وهذا تنوين تنكير، يلحق الأسماء المبنية وغير المنصرفة لتمييز نكرتِها من معرفتها، "كلٌّ قائم" هذا تنوين عوض عن اسم: أي كل إنسان، (ومن فوقهم غواشٍ) أصلها غواشي، فهو عوض عن حرف (والندا) أي النداء، نحو: يا محمدُ، (وأل) أي الألف واللام التي للتعريف، نحو: الرجل، (ومسند) أي الإسناد إليه أي إلى الاسم: نحو: محمد صادق، صدق محمد. (للاسم تمييز حصل) أي حصل بما ذُكر التمييز للاسم عن الفعل والحرف.
شرح ألفية ابن مالك في النحو: ما يتميز به الفعل:
بتا فعلتَُِ وأتتْ ويا افعلي    ونـون أقبلنَّ فعل ينجلي.
(بتا) أي بتاء، متعلق بـ"ينجلي"، (فعلت) أي تاء الفاعل المتكلم أو المخاطَب، (وأتتْ) أي وتاء أتتْ، وهي تاء الغائبة، وهي للتأنيث ساكنة، (ويا افعلي) أي وياء افعلي، ونحو: تعجبين، وهي ياء المخاطَبة، وهي ضمير متصل، وقد التحقت أيضا بالأسماء نحو: ولدي، ولكنهما مختلفتان، فالأولى للمخاطبة، وهذه للمتكلم والمتكلمة (ونون أقبلن) أي نون التوكيد، تكون ثقيلة ومخففة، ومنه قوله تعالى: "ليسجننَّ وليكوننْ من الصاغرين) وهي مكتوبة في المصحف بالألف: "وليكوناً)  (فعل ينجلي) أي يظهر، أي يتميز بما ذُكر عن الاسم والحرف.
شرح ألفية ابن مالك في النحو: ما يتميز به الحرف:
سواهُما الحرف كهل وفي ولم    فعلٌ مضارع يلي لم كيشَمّْ،
(سواهُما الحرف) أي أن الحرف غيرُ الاسم والفعل، أي ما لا يقبل علامات الاسم والفعل، وذلك (كهل) حرف استفهام واستخبار، يدخل على الأفعال وعلى الأسماء، نحو: هل صليتَ؟ هل أنت مؤمن؟ (وفي) حرف جر معناه الظرفية، لا يدخل إلا على الأسماء، نحو: جلس في بيته، (ولم) حرف نفي وجزم، يدخل على الفعل المضارع، ويدل مع المضارع على الزمن الماضي، نحو: لم يَتُبْ، فلذلك يقولون في إعرابه: حرف نفي وجزم وقلب، أي يقلب الزمان الحاضر إلى الماضي، ثم ذكر المؤلف علامات الفعل المضارع.
شرح ألفية ابن مالك في النحو: علامة الفعل المضارع:(فعلٌ مضارع) أي مشابِه، يشبه اسم الفاعل في صيغته وعمله، فالتسمية هنا للصيغة، وليست للزمان، أما الزمان الذي يدل عليه فهو الحاضر، والمستقبل، نحو: يُنجزُ عمله، أي الآن، "وهو يتجدد"، يسافر غدا، سيأتي الفرجُ، في المستقبل، وقد يدل على الماضي حسب السياق، أو حسب ما يدخل عليه من الأدوات، نحو: كان يكتب، لم يكتُبْ (يلي لم) يعني أن علامة المضارع صحةُ دخول لم عليه، (كيشَمّْ) أي كقولك: لم يشمَّ: مجزوم بالسكون المقدر على آخره، منع من ظهوره الحركةُ المناسبة لتضعيف الحرف المشدد، وإنما سكن في البيت لأجل الوزن، والأصل: لم يشمَمْ.
شرح ألفية ابن مالك في النحو: علامة فعل الماضي والأمر:
وماضيَ الأفعال بالتا مِزْ وَسِمْ      بالنون فعلَ الأمر إن أمرٌ فُهم،
والأمرُ إن لم يك للنون محلّْ      فيه هو اسم نحو صهْ وحَيَّهلْ.
(وماضي الأفعال) ما وقع منها في الزمن الماضي (بالتا مِزْ) أي ميزه بالتاء، نحو: صليتُ، حججتَ، صُمتِ، حاضتْ؛ (وسِم بالنون فعل الأمر) واجعل علامة الأمر وسِمَتَهُ قبولَه النون، نحو: اِركعَنْ، اُسجُدَنَّ، (إن أمرٌ فُهم) أي إن فهم من الكلمة التي تقبل النون معنى الأمر، وإلا فليس بأمر: نحو: "ثم لآتينَّهم من بين أيديهم ومن خلفهم". (والأمرُ إن لم يك للنون محلّْ فيه هو اسم) أي إذا فهم من الكلمة الأمر ولم تقبل النون فهي اسم فعل أمر (نحو صهْ) بمعنى اسكُتْ (وحَيَّهلْ) بمعنى: أقبلْ، فلا تقول صهَنْ ولا حيهلنْ، كما تقول: اسكتنْ وأقبلنْ.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق